نعم، تلك الشجرة المُكناة بشيرة الذيب؟ كونها كانت مأوى للذئاب بجوار حضّن معقل تلك الذئاب، في صحراء العراء، تتنفسُ ثاني أُكسيد الكربون وتعطي الإنسان الأكسجين، تشربُ من مطر السماء في أرض الله الواسعة، مسبحةً في فلكها، محطة: تُظل في ظلها المُسافر صيفاً، تدفىء من البرد شتاءً، تتساقط اوراقها خريفاً؛ ويتغذى على تلك الأوراق الدواب، ما أن يأتي الربيع حتى تخضرُ اًوراقها وتزيدُ في طولها وتمتدُ عروقها؛ لكن حرامية الطبيعة حطبوها وحطموا جذوعها من جذورها، وهي خضراء عذراء على ضفاف الوادي تُزين شُرعتها؛ أنها جريمة نكراء أرتكبها أعداء البيئة؛ لأجل فلسٍ بخسٍ لا يساوي قيمتها الحقيقية. فما ذنبها تُقطع جُرماً وهي حية تُرزق من خالقها بلا عناء؟!.
حطابون جائرون، تمردوا في تدمير الأخضر واليابس، خفيةً جهاراً؛ الاحتطاب خفيةً ليلاً بعيداً عن الأنظار، والبيع جهار النهار شوف الأنظار؛ وحجتهم بأن الشرعُ أجاز، والرسول ﷺ أمر بالإحتطاب! ليس هكذا يُفسر الشرعُ الحنيف الحديث فيما معناه، فعن ابي هريرة -رضي الله عنه- قال: أن رسول الله ﷺ قال: (والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره، خيرٌ له من أن يأتي رجلاً، فيسأله أعطاه أو منعه( صحيح البخاري، يُفسر نص الحديث على الترغيب في السعي والعمل؛ لكسب الرزق الحلال بشرفٍ وكرامةٍ وعزة نفس؛ ليس من اجل الاحتطاب الجائر وقطع الأخضر واليابس الذي يُنتفعُ به، أو من أجل الغِّنا في الأموال.
فما أن تتحسن الأجواء مع حلول فصل الشتاء؛ حتى تعزف المواطيرُ لحونها على جذوع الأشجار في أجزاء من أنحاء البلاد، ففوضى المناشير؛ تُسبب العديد من الأخطار، في تدهور الغطاء النباتي، وظاهرة التصحر والأحتباس الحراري مستقبلا؛ وبالتالي كارثة بيئية للقضاء على الحياة عموماً بأرجاء المعمورة، ولهذا؛ فإن المنظمات الدولية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية تستحث جهودها لمحاربة هذه الظاهرة، حيثُ قننت في هذا الشأن العديد من الأنظمة للحد منها وتقديم الدعم المالي للمحافظة عليها والمساهمة في زراعتها وحمايتها. إذاً الاحتطاب الجائر جريمة يعاقب عليها القانون السعودي، حيثُ نصت المادة الـ (٢٠) من نظام البيئة على انه: )يُحظر إنتاج الحطب أو الفحم المحلي، أو نقل أي منها، أو تخزينه، أو بيعه، أو الترويج له؛ دون الحصول على تصريح أو ترخيص، وذلك وفقاً لما تحدده اللوائح(. كما أوضحت وزارة البيئة والمياه والزراعة أن غرامة الاحتطاب بغرض التجارة تصل إلى ٥٠ ألف ريال، وغرامة قطع الشجرة الواحدة تبلغ ٥ آلاف ريال، وأشارت إلى أن غرامة نقل الحطب المحلي تبلغ ١٠ آلاف ريال، لافتة إلى أن العقوبات المذكورة تتضاعف في حال تكرار المخالفة مع إلزام المخالف بإصلاح الأضرار.
إذ يعتقد الكثير من المواطنين أن استخدام الحطب والفحم المحلي اقل كلفة وأكثر مزايا في الطبخ والتدفئة لا تتوفر للأنواع الأخرى من مصادر الحطب والفحم المستورد! وهذا غير صحيح جملةً وتفصيلا؛ حيث صدر قرار مجلس الوزراء رقم: 129 وتاريخ: ١٩ / ٥ / ١٤٢٣هـ، والقاضي بإعفاء الحطب والفحم المستوردين من الرسوم الجمركية واتخاذ الإجراءات اللازمة بتفعيله بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة. كما أن الحطب والفحم المستورد اقل دُخان وأكثر استمرار في الاشتعال.
لا بُد أن تتظافر كافة الجهود للحد من هذه الظاهرة، كما أن زراعة الأشجار امر بالغ الأهمية يغرس في نفوس أبناؤنا حُب الطبيعة وحُب الحياة ويؤمن لنا الهواء النقي الذي نتنفسه والخضرة التي نهواها والظل الذي نستظل به.
ختاماً، ديننا الحنيف يأمرنا بحماية نظامنا البيئي، وهبتنا الإنسانية وحِسنا الوطني يُحتم علينا تقديم المساهمة ومد يد العون تجاه دولتنا في المحافظة على بيئتنا، فالمواطن هو رجل الأمن الأول؛ فاليُنقذ ما تبقى من سلالة شيرة الذيب.
كتبه : عائض محمد المرزوقي
ay_ed_m@
ظهرت المقالة شيرة الذيب! أاول مره في صحيفة الخليج الإلكترونية.
https://ift.tt/eA8V8J https://ift.tt/3nkSRtN
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق